أسيد بن عبد الله بن سلمة بن عبد الله بن غيرة بن عوف بن قسىّ، وهو ثقيف ابن منبّه بن بكر بن هوازن، حليف لبنى زهرة. وخبره وإن لم يكن داخلا فى جملة الغزوات والسرايا فليس هو مناف لها، وموجب إيرادنا إياه فى هذا الموضع لتعلقه بغزوة الحديبية، ولأن ردّه كان من شروط الهدنة. ونحن نورده هاهنا على ما أورده الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقى، رحمه الله تعالى، فى كتابه المترجم بدلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، وما أورده أبو محمد عبد الملك بن هشام عن محمد ابن إسحاق رحمهم الله تعالى، يدخل حديث بعضهم فى حديث بعض، قالوا:
لما رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة انفلّت رجل من أهل الإسلام من ثقيف، يقال له: أبو بصير بن أسيد بن جارية الثقفىّ من المشركين، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مسلما مهاجرا، وكان ممن حبس بمكة، فكتب فيه أزهر بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفىّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وبعثا رجلا من بنى عامر بن لؤىّ، ومعه مولى لهم، ويقال: كانا من بنى منقذ، أحدهما مولى والآخر من أنفسهم، اسمه جحش بن جابر، وكان ذا جلد ورأى فى أنفس المشركين، وجعل لهما الأخنس فى طلب أبى بصير جعلا، فقدما على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«يا أبا بصير، إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا فى ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، فانطلق إلى قومك» . فقال: يا رسول الله، أتردّنى إلى المشركين يفتنوثنى فى دينى؟ قال: «انطلق، فإن الله سيجعل لك فرجا