وتصريف الأمور من حال إلى حال، وتوجيه المخلوقات من مبدإ إلى كمال، يستمدّون القوّة من الحضرة القدسية، ويفيضون الفيض على الموجودات السفليه.
فمنها- مدبرات الكواكب السبعة السيّارة فى أفلاكها، وهى هياكلها. فلكل روحانى هيكل، ولكل هيكل فلك. ونسبة الروحانىّ إلى ذلك الهيكل الذى اختص به نسبة الروح إلى الجسد. فهو ربه ومديره ومدبره.
وكانوا يسمون الهياكل أربابا (وربما يسمونها أباء) ، والعناصر أمهات.
ففعل الروحانيات تحريكها على قدر مخصوص ليحصل من حركاتها انفعالات فى الطبائع والعناصر، فيحصل من ذلك تركيبات وامثراجات فى المركبات فتتبعها قوّى جسمانية، وتركب عليها نفوس روحانية، مثل أنواع النبات والحيوان. ثم قد تكون التأثيرات كلية صادرة عن روحانىّ كلىّ، وقد تكون جزئية صادرة عن روحانىّ جزئىّ. فمع جنس المطر ملك، ومع كل قطرة ملك.
ومنها- مدبرات الآثار العلوية الظاهرة فى الجوّ مما يصعد من الأرض فينزل مثل الأمطار والثلوج والبرد والرياج؛ وما ينزل من السماء مثل الصواعق والشهب؛ وما يحدث فى الجوّ من الرعد والبرق والسحاب وقوس قزح وذوات الأذناب والهالة والمجرّة؛ وما يحدث فى الأرض من الزلازل والمياه والأبخرة إلى غير ذلك.
ومنها- متوسطات القوى السارية فى جميع الموجودات، ومدبرات الهداية الشائعة فى جميع الكائنات، حتى لا ترى موجودا ما خاليا عن قوّة وهداية، إذا كان قابلا لهما.
قالوا: وأما الحالة، فأحوال الروحانيات من الرّوح، والرّيحان، والنعمة، واللذة، والراحة، والبهجة، والسرور فى جوار رب العالمين، كيف تخفى؟ ثم طعامهم وشرابهم