وروى أبو داود رحمه الله فى سننه بسنده عن جابر بن عبد الله من رواية ابن جريج عن أبى الزبير عنه، قال: خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق، وإن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا التمر وعليهم عشرون ألف وسق، ثم خرص «١» عليهم بعده جبّار بن صخر بن أمية بن خنساء، أخو بنى سلمة، فأقامت يهود على ذلك لا يرى بهم المسلمون بأسا فى معاملتهم، حتى عدوا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على عبد الله بن سهل، أخى بنى حارثة، فقتلوه، وكان قد خرج إليها فى أصحاب له يمتار «٢» منها تمرا، فوجد فى عين قد كسرت عنقه، فاتهمهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون بقتله، وجاء أخوه عبد الرحمن بن سهل، وابنا عمه حويّصة ومحيّصة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فتكلم عبد الرحمن- وكان أصغرهم، وهو صاحب الدم- فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«كبّر «٣» كبّر» فسكت، وتكلم حويّصة ومحيّصة، ثم تكلم بعدهما، فذكروا قتل صاحبهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«أتسمّون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يمينا فنسلمه إليكم؟» قالوا: يا رسول الله، ما كنا لنحلف على ما لا نعلم؛ قال:«أفيحلفون بالله خمسين يمينا ما قتلوه، ولا يعلمون له قاتلا، ثم يبرءون من دمه؟» ، فقالوا: يا رسول الله، ما كنا لنقبل أيمان يهود، ما هم فيه من الكفر أعظم أن يحلفوا على إثم. قال: فوداه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمائة ناقة.
قال «٤» : واستقرت خيبر بيد يهود على ما عاملهم عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مدة حياته، ثم أقرها أبو بكر رضى الله عنه بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأيديهم على المعاملة، ثم أقرهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه صدرا من خلافته،