للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(إحدى جواريه) حتّى تغنينى ثلاثة أصوات، فعل. فاغتاظ سليمان وأمر أن يؤتى برأسه. ثم أتبع الرسول برسول آخر فأمره أن يدخل الرجل إليه. فلما مثل بين يديه، قال له: ما الذى حملك على ما صنعت؟ فقال: الثقة بحلمك، والاتكال على عفوك! فأمره بالجلوس، فجلس حتى لم يبق من بنى أمية أحد. ثم أمر بإخراج الجارية فأخرجت ومعها عود، ثم قال: اختر! فقال: تغنى لى بقول قيس بن الملوّح:

تعلّق روحى روحها قبل خلقنا ... ومن بعد أن كنّا نطافا وفي المهد!

فعاش كما عشنا فأصبح ناميا، ... وليس- وإن متنا- بمنقصف العهد.

يكاد فضيض الماء يخدش جلدها، ... اذا اغتسلت بالماء من رقّة الجلد.

وإنّى لمشتاق إلى ريح جيبها، ... كما اشتاق إدريس إلى جنّة الخلد!

فغنت. ثم قال: تأمر لى برطل. فأمر له به فشربه. ثم قال: تغنى بقول جميل:

علقت الهوى منها وليدا، فلم يزل ... إلى اليوم ينمى حبّها ويزيد.

وأفنيت عمرى في انتظار نوالها ... وأبليت فيها الدّهر وهو جديد.

فلا أنا مردود بما جئت طالبا، ... ولا حبّها فيما يبيد يبيد.

إذا قلت: ما بى يابثينة قاتلى ... من الحبّ! قالت: ثابت ويزيد.

وإن قلت: ردّى بعض عقلى أعش به ... مع الناس! قالت: ذاك منك بعيد.

فغنّت، فقال له سليمان: قل ما تريد؟ قال: تأمر لى برطل، فأمر له به فشربه.

ثم قال: تغنى بقول قيس بن ذريح:

«لقد كنت حسب النفس»

الأبيات