للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فغنت. فقال له سليمان: قل ما تشاء! قال: تأمر لى برطل! فأمر له به، فما استتمه حتّى وثب فصعد إلى أعلى قبة ثم زجّ نفسه على دماغه فمات. فاسترجع سليمان وقال: أتراه توهّم الجاهل أنى أخرج إليه جاريتى وأردّها إلى ملكى؟ يا غلام خذ بيدها فانطلق بها إلى أهله إن كان له أهل، وإلا فبيعوها وتصدّقوا بثمنها عنه.

فلما انطلقوا بها، نظرت إلى حفرة في الدار قد أعدّت للمطر، فجذبت يدها من أيديهم وأنشأت تقول:

من مات عشقا فليمت هكذا! ... لا خير في عشق بلا موت!

وزجت نفسها في الحفرة على دماغها. فماتت.

وقد حكى أيضا مثل هذه، وأنها وقعت للرشيد.

روى عن أبى بكر محمد بن علىّ المخزومىّ قال: اشتريت للرشيد جارية مدنية.

فأعجب بها وأمر الفضل بن الربيع أن يبعث في حمل أهلها ومواليها لينصرفوا بجوائزها.

وأراد بذلك تشريفها. فوفد إلى مدينة السلام ثمانون رجلا، ووفد معهم رجل من أهل العراق استوطن المدينة كان يهوى الجارية. فلما بلغ الرشيد خبر مقدمهم أمر الفضل أن يخرج إليهم ليكتب اسم كل واحد منهم وحاجته، ففعل. فلما بلغ إلى العراقىّ قال: ما حاجتك؟ قال له: إن أنت كتبتها وضمنت لى عرضها مع ما يعرض، أنبأتك بها. فقال: أفعل ذلك، فقال: حاجتى أن أجلس مع فلانة حتّى تغنّينى ثلاثة أصوات وأشرب ثلاثة أرطال، وأخبرها بما تجنّ ضلوعى من حبها! فقال الفضل: أنت موسوس مدخول عليك في عقلك! فقال: يا هذا، قد أمرت أن تكتب ما يقول كلّ واحد منا فاكتب ما أقول واعرضه، فإن أجبت إليه وإلا فأنت في أوسع العذر، فدخل الفضل مغضبا فوقف بين يدى الرشيد، وقرأ عليه ما كتب من حوائجهم. فلما فرغ