للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحسن ما كنّا تفرّقنا ... وخاننا الدّهر وما خنّا!

فليت ذا الدّهر لنا مرّة ... عاد لنا الدّهر كما كنا!

فغنته الصوت، فقلّب الفتى طرفه فبصر بدرجة في الصحن، فأمها. فاتبعه الخدم ليهدوه الطريق، ففاتهم وصعد الدرجة فألقى نفسه إلى الأرض على رأسه فمات. فقال الرشيد: عجّل الفتى! ولو لم يعجّل لوهبتها له! وممن خاطر بنفسه في هواه وعرّضها للتلف فنجا ونال خيرا، ما حكاه ابن الجوزى بسند يرفعه إلى أبى الفرج أحمد بن عثمان بن إبراهيم الفقيه المعروف بابن الترسى قال: كنت جالسا بحضرة أبى، وأنا حدث، وعنده جماعة.

فحدّثنى حديث وصول النعم إلى الناس بالألوان الظريفة. وكان ممن حضر صديق لأبى. فسمعته يحدّث أبى، قال: حضرت عند صديق لى من التّجّار- كان يتّجر بمائة ألف دينار- فى دعوة. وكان حسن المروءة، فقدّم مائدة وقدّم عليها ديكريكة [١] فلم يأكل


[١] فى الباب الثانى الخاص بالحوامض من كتاب «صفة الأطعمة» الموجود منه نسخة فتوغرافية بدار الكتب المصرية مانصه:
«ديكبريكة. يقطّع اللحم أوساطا ويترك في القدر ويلقى عليه يسير ملح وكف حمص مقشور وكسفرة يابسة ورطبة وبصل مقطع وكراث ويطرح عليه غمرة ما، ويغلى ثم تؤخذ رغوته ويلقى عليه شيرج يسير وخل خمر ومرى ويلقى عليه قليل فلفل مسحوق ناعم ويطبخ حتّى يتبين طعمه. ومن الناس من يحليها بقليل سكر فاذا نضجت طرح فيها أطراف الطيب مع فلفل وكزبرة يابسة وتترك حتى تهدأ وترفع» انتهى.
والظاهر أن صواب اللفظ (ديكبرديكة) ثم اختصر أو حرف الى ديكبريكة وديكريكة لأن الذى فى المعاجم الفارسية (ديك برديك) فمعنى (ديك) القدر و (بر) فوق وعلى، فيكون المراد قدر فوق قدر. وتقول هذه المعاجم إن هذا النوع المزدوج يستعمل لأعمال التصعيد والتقطير. ولا يبعد أن يكون هذا الطعام مما يعالج في طبخه بالبخار أى بوضع قدره على قدر أخرى فيها ماء يغلى على النار فسمى الطعام باسم وعائه اه.
أفادنيه حضرة صاحب السعادة العلامة أحمد تيمور باشا.