إلى بيته؛ قالت: وفى عنق الجارية طوق من ورق «١» ، فتلقّاها رجل فاقتطعه من عنقها، فلما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المسجد أتى أبو بكر بأبيه يقوده، فلما رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«هلّا تركت الشيخ فى بيته حتى أكون أنا آتيه فيه» ؟ قال أبو بكر: يا رسول الله، هو أحقّ أن يمشى إليك من أن تمشى إليه أنت، فأجلسه بين يديه، ثم مسح صدره، ثم قال له:«أسلم» ، قالت: فأسلم؛ قالت: فدخل به أبو بكر وكأنّ رأسه ثغامة «٢» ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«غيّروا هذا من شعره» ، ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال:
أنشد الله والإسلام طوق أختى؛ فلم يجبه أحد؛ قالت: فقال: أى أخيّة، احتسبى طوقك، فو الله إنّ الأمانة فى الناس اليوم القليل.
وأسلم عبد الله بن الزبعرى عام الفتح وحسن إسلامه، وكان ممن يؤذى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أشدّ الأذى فى الجاهلية، فأسلم واعتذر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقبل عذره، وكان شاعرا مجيدا، فقال يمدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وله فى مدحه أشعار كثيرة ينسخ بها ما قد مضى فى كفره، منها قوله:
منع الرقاد بلابل وهموم ... والليل معتلج الرّواق بهيم «٣»
ممّا أتانى أنّ أحمد لامنى ... فيه فبتّ كأننى محموم
يا خير من حملت على أوصالها ... عيرانة سرح اليدين غشوم «٤»