ثم قال مالك بن عوف للناس: إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم، ثم شدوا شدّة رجل واحد؛ قال: وبعث مالك بن عوف عيونا من رجاله، فأتوه وقد تفرّقت أوصالهم من الرّعب، فقال: ويلكم! ما شأنكم؟ قالوا: رأينا رجالا بيضا، على خيل بلق، فو الله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، فلم يردّه ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد.
قال ابن إسحاق: ولما سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بخبرهم بعث إليهم عبد الله بن أبى حدود الأسلمىّ، وأمره أن يدخل فى الناس فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم، ثم يأتيه بخبرهم، ففعل؛ ثم أقبل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره الخبر، فأجمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المسير إلى هوازن لقتالهم، وذكر له أن عند صفوان بن أمية أدراعا وسلاحا، فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك فقال:«أعرنا سلاحك نلق به عدوّنا» ؛ فقال: أغصبا يا محمد؟ فقال:«بل عاريّة مضمونة حتى نؤدّيها إليك» ؛ قال: ليس بهذا بأس؛ فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح، ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من مكة يوم السبت لستّ ليال خلون من شوّال فى اثنى عشر ألفا من المسلمين: عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه ففتح بهم مكة، وألفان من أهل مكة.
قال الثعلبىّ: قال مقاتل: كانوا أحد عشر ألفا وخمسمائة.
وقال الكلبىّ: كانوا عشرة آلاف، وكانوا يومئذ أكثر ما كانوا قطّ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«لن نغلب اليوم من قلّة» ، حكاه ابن إسحاق.
وقال محمد بن سعد: قال ذلك أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه. قال الثعلبىّ:
ويقال: بل قال ذلك رجل من المسلمين يقال له: سلمة بن سلامة.