للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمّد بن إسحاق: حدّثنى أبى إسحاق بن يسار أنه حدّث عن جبير ابن مطعم قال: لقد رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد «١» الأسود أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم، فنظرت، فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادى، لم أشكّ أنها الملائكة، ولم تكن إلّا هزيمة القوم.

قال ابن إسحاق: ولما انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف، وعسكر بعضهم بأوطاس، وتوجّه بعضهم نحو نخلة «٢» ، وتبعت خيل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من سلك فى نخلة من الناس، ولم تتبع من سلك الثّنايا، فأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان- وهو ابن الدّغنّة- دريد بن الصّمّة وهو فى شجار له أى هودج، فأخذ بخطام جمله وهو يظنّ أنه امرأة، فأناخ به، فإذا هو شيخ كبير والغلام لا يعرفه، فقال له دريد: ما تريد بى؟ قال: أقتلك؛ قال: ومن أنت؟ قال:

أنا ربيعة بن رفيع السّلمىّ، ثم ضربه بسيفه فلم يغن فيه شيئا، فقال: بئس ما سلّحتك أمّك! خذ سيفى هذا من مؤخر الرّحل فى الشّجار، ثم اضرب به، وارفع عن العظام، واخفض عن الدّماغ، فإنّى كذلك كنت أضرب الرجال، ثم إذا أتيت أمّك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصّمة. فربّ والله يوم قد منعت فيه نساءك؛ فقتله. ولمّا رجع ربيعة إلى أمّه أخبرها بقتله إيّاه، فقالت: أما والله لقد أعتق أمّهات لك ثلاثا.

قال ابن هشام: ويقال إن الذى قتل دريد بن الصّمّة هو عبد الله بن قنيع ابن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة؛ قال: وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى آثار من توجّه قبل أوطاس أبا عامر الأشعرىّ، فأدرك بعص من انهزم، فناوشوه القتال، فقتل منهم أبو عامر تسعة مبارزة وهو يدعو كلّ واحد منهم إلى الإسلام