للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«إنّ هؤلاء القوم جاءوا مسلمين، وقد كنت استأنيت بسببهم، وخيّرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئا، فمن كان عنده منهم شىء فطابت نفسه أن يردّه فسبيل ذلك، ومن أبى فليردّ عليهم، وليكن ذلك قرضا علينا، فله بكل إنسان ستّ فرائض من أوّل ما يفىء الله علينا» قالوا: رضينا وسلّمنا، فردّوا عليهم نساءهم وأبناءهم، ولم يتخلّف منهم أحد غير عيينة بن حصن، فإنّه أبى أن يردّ عجوزا صارت فى يده منهم، ثم ردّها بعد ذلك.

وقد حكى محمد بن إسحاق سبب تمسّك عيينة بها وردّها، قال: فقال حين أخذها: أرى عجوزا إنى لأحسب لها فى الحىّ نسبا، وعسى أن يعظم فداؤها؛ فلما ردّ الناس السّبايا بستّ فرائض أبى أن يردّها، فقال له زهير بن صرد: خذها عنك، فو الله ما فوها ببارد، ولا ثديها بناهد، ولا بطنها بوالد، ولا زوجها بواجد ولا درّها بماكد «١» ؛ فردّها بستّ فرائض حين قال له زهير ما قال. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد كسا السبى قبطيّة قبطيّة، والقباطى: ثياب بيض تتّخذ من الكتّان بمصر.

وحكى محمد بن سعد فى طبقاته الكبرى فى ترجمة عيينة بن حصن فى هذه القصة قال: لمّا قدم وفد هوازن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وردّ عليهم السبى، كان عيينة قد أخذ رأسها منهم، فنظر إلى عجوز كبيرة فقال: هذه أمّ الحىّ، لعلّهم أن يغلوا بفدائها، وعسى أن يكون لها فى الحىّ نسب. فجاء ابنها إلى عيينة فقال:

هل لك فى مائة من الإبل؟ قال: لا، فرجع عنه، فتركه ساعة، وجعلت العجوز تقول لابنها: ما إربك فىّ بعد مائة ناقة، اتركه فما أسرع ما يتركنى بغير فداء؛