فى قبائل العرب، ولم يكن فى هذا الحىّ من الأنصار منها شىء. قال:«فأين أنت من ذلك يا سعد» ؟ قال: يا رسول الله، ما أنا إلّا من قومى؛ قال:«فاجمع لى قومك فى هذه الحظيرة» ، فخرج سعد فجمعهم فيها، فأتاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:«يا معشر الأنصار، ما قالة بلغتنى عنكم، وجدة وجدتموها فى أنفسكم؟ ألم آتكم ضلّالا فهداكم الله، وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألّف الله بين قلوبكم» ! قالوا: بلى، الله ورسوله أمنّ وأفضل ثم قال:«ألا تجيبوننى يا معشر الأنصار؟» ؛ قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله؟، لله ولرسوله المنّ والفضل، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«أما والله لو شئتم لقلتم ولصدقتم: أتيتنا مكذّبا فصدّقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك، أوجدتم يا معشر الأنصار فى أنفسكم من لعاعة «١» من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير وترجعوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى رحالكم! فو الذى نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرا من الأنصار، ولو سلكت الناس شعبا «٢» وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار» ؛ قال: فبكى القوم حتّى أخضلوا «٣» لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم قسما وحظّا؛ ثم انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتفرّقوا، ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الجعرانة معتمرا، وذلك ليلة الأربعاء لثنتى عشرة ليلة مضت من ذى القعدة، فأحرم بعمرة، ودخل مكّة، فطاف وسعى وحلق رأسه، ورجع إلى الجعرانة من ليلته.