للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسلمون متوشّحون السيوف، محدقون به صلّى الله عليه وسلّم يلبّون، فدخل على الثنية التى تطلعه على الحجون، وعبد الله بن رواحة آخذ بزمام راحلته وهو يقول:

خلّوا بنى الكفّار عن سبيله ... خلّوا فكلّ الخير فى رسوله

يا ربّ إنّى مؤمن بقيله ... أعرف حقّ الله فى قبوله

نحن قتلناكم «١» على تأويله ... كما قتلناكم على تنزيله

ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله

قال ابن هشام: قوله «نحن قتلناكم على تأويله» إلى آخر الأبيات، لعمّار بن ياسر فى غير هذا اليوم.

قال ابن سعد: ولما ارتجز ابن رواحة قال له عمر بن الخطّاب: إيّها «٢» يابن رواحة! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا عمر، إنى أسمع» ؛ فأسكت عمر، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إيها «٣» يابن رواحة!، قل لا إله إلا الله وحده، نصر عبده، وأعزّ جنده، وهزم الأحزاب وحده» ، فقالها ابن رواحة. ولم يزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يلبى حتى استلم الركن بمحجنه مضطبعا بثوبه، وطاف على راحلته، والمسلمون يطوفون معه وقد اضطبعوا بثيابهم، ثم طاف بين الصفا والمروة على راحلته، فلما كان الطواف السابع عند فراغه وقد وقف الهدى عند المروة قال: «هذا المنحر، وكلّ فجاج مكّة منحر» ، فنحر عند المروة، وحلق هناك، وكذلك فعل المسلمون، وأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ناسا منهم أن يذهبوا إلى أصحابهم ببطن يأجج فيقيموا على السلاح، ويأتى الآخرون فيقضوا نسكهم؛ ففعلوا، وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكة ثلاثا. وتزوج ميمونة بنت الحارث الهلاليّة، فلما كان عند الظهر من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزّى