قمراء إضحيان «١» ، قد ضرب الله على أصمخة أهل مكة فما يطوف بالبيت أحد غير امرأتين وهما تدعوان إسافا ونائلة «٢» ، فأتتا علىّ فى طوافهما فقلت: أنكحا إحداهما الأخرى، فما ثناهما ذلك عما قالتا «٣» . فأتتا علىّ فقلت: هن مثل الخشبة غير أنّى لا أكنى، فانطلقتا تولولان وتقولان: لو كان ها هنا أحد من أنفارنا! قال: فاستقبلهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر وهما هابطان من الجبل، فقال لهما: ما لكما؟
قالتا: الصّابئ بين الكعبة وأستارها. قالا: ما قال لكما؟ قالتا: قال لنا كلمة تملأ الفم. فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو وصاحبه [فاستلم الحجر ثم طاف بالبيت هو وصاحبه «٤» ] ثم صلّى، فلما قضى صلاته قال أبو ذرّ: فأتيته فكنت أوّل من حيّاه بتحيّة الإسلام؛ فقال:«وعليك ورحمة الله» ، ثم قال:«ممن أنت» ؟
قلت: من غفار، قال: فأهوى بيده فوضع يده على جبينه، فقلت فى نفسى:
كره أنى انتميت إلى غفار، قال: فأهويت لآخذ بيده، فقدعنى «٥» صاحبه وكان أعلم به منّى، ثم رفع رأسه فقال:«متى كنت هاهنا» ؟ قلت: منذ ثلاثين من ليلة ويوم «٦» ، قال:«فمن كان يطعمك» ؟ قلت: ما كان لى من طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتّى تكسّرت عكن بطنى، وما وجدت على كبدى سخفة جوع، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«إنها مباركة، إنها طعام طعم «٧» ، وشفاء سقم» فقال أبو بكر: يا رسول الله! إيذن لى فى إطعامه الليلة، ففعل، فانطلق رسول الله