وروى محمد بن سعد أيضا، عن هشام بن محمد، قال حدّثنى رجل من بنى سليم من بنى الشّريد، قال: وفد رجل منا يقال له قدد «١» بن عمّار على النبى صلّى الله عليه وسلّم، وعاهده على أن يأتيه بألف من قومه على الخيل؛ وأنشأ يقول:
شددت يمينى إذ أتيت محمّدا ... بخير يد شدّت بحجزة مئزر
وذاك امرؤ قاسمته نصف دينه ... وأعطيته كفّ «٢» امرئ غير أعسر
ثم أتى قومه فأخبرهم الخبر، فخرج معه تسعمائة، وخلّف فى الحىّ مائة، وأقبل يريد النبىّ صلّى الله عليه وسلّم فنزل به الموت، فأوصى إلى ثلاثة رهط من قومه؛ وهم: عباس بن مرداس وأمّره على ثلاثمائة، وجبّار بن الحكم وأمره على ثلاثمائة، والأخنس بن يزيد وأمّره على ثلاثمائة. وقال: ايتوا هذا الرحل حتى تقضوا العهد الذى فى عنقى ثم مات، فمضوا حتى قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال:«أين الرجل الحسن الوجه، الطويل اللسان، الصادق الأيمان» ؟.
قالوا: يا رسول الله! دعاه الله فأجابه، وأخبروه خبره؛ فقال:«أين تكملة الألف الذين عاهدنى عليهم» ؟. قالوا: خلّف مائة فى الحىّ مخافة حرب «٣» كان بيننا وبين بنى كنانة، قال:«ابعثوا إليها فإنه لا يأتيكم فى عامكم هذا شىء تكرهونه» . فبعثوا إليها فأتته بالهدّة «٤» وعليها المنقع «٥» بن مالك بن أمية، فشهدوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الفتح وحنين. وللمنقع يقول العباس بن مرداس:
القائد المائة التى وفّى بها ... تسع المئين فتمّ ألف أقرع «٦»