لى، فأطرد حتّى إذا قلت إنى وضعت الرمح بين كتفيه وثب عن فرسه فإذا هو على الأرض، فأخطأته ومضيت، فاستوى على فرسه واتبعنى فقرع بالقناة رأسى وقال:
يا عمرو، خذها إليك ثالثة، ولولا أنى أكره قتل مثلك لقتلتك، فقلت له:
اقتلنى، فإن الموت أحب إلىّ مما أرى بنفسى وأن تسمع فتيان العرب بهذا، فقال يا عمرو: إنما العفو ثلاث، وإنى إن استمكنت منك الرابعة قتلتك، وأنشأ يقول:
وكّدت أغلاظا من الأيمان ... إن عدت يا عمرو إلى الطّعان،
لتوجرنّ لهب السّنان ... أولا، فلست من بنى شيبان!
فلما قال هكذا، كرهت الموت، وهبته هيبة شديدة، وقلت: إنّ لى إليك حاجة، قال: وما هى؟ قلت: أكون لك صاحبا، ورضيت بذلك يا أمير المؤمنين، قال:
لست من أصحابى، فكان ذلك والله أشدّ علىّ وأعظم مما صنع. فلم أزل أطلب إليه حتى قال: ويحك، وهل تدرى أين أريد؟ قلت: لا، قال: أريد الموت عيانا، فقلت: رضيت بالموت معك، فقال: امض بنا، فسرنا جميع يومنا وليلتنا حتّى جنّنا الليل وذهب شطره. فوردنا على حىّ من أحياء العرب، فقال لى: يا عمرو فى هذا الحىّ الموت، ثم أومأ إلى قبة في الحىّ فقال: وفي تلك القبة الموت الأحمر، فإما أن تمسك علىّ فرسى فأنزل فآتى بحاجتى، وإما أن أمسك عليك فرسك فتنزل فتأتينى بحاجتى، فقلت: لا، بل انزل أنت، فأنت أعرف بموضع حاجتك، فرمى إلىّ بعنان الفرس ونزل، فرضيت لنفسى يا أمير المؤمنين أن أكون له ساسا. ثم مضى حتّى دخل القبة فاستخرج منها جارية لم تر عيناى قط مثلها حسنا وجمالا، فحملها على ناقة، ثم قال: يا عمرو، قلت: لبيك، قال: إما أن تحمينى وأقود أنا، وإما أن