فقال: والله لقد كنت آليت ألّا أنتهى حتّى تتبع العرب عقبى، وأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش! ثم قال لأربد بن قيس: إذا قدمنا على الرجل فإنى سأشغل عنك وجهه، فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف. فلما قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال عامر بن الطّفيل. يا محمد، خالّنى «١» . قال:
«لا والله حتى تؤمن بالله وحده» ، فجعل يكرر هذا القول ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعيد عليه مقالته، وهو فى ذلك ينتظر من أربد ما أمره به، فلم يصنع أربد شيئا، وكان آخر ما قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أما والله لأملأنّها عليك خيلا ورجلا، فلما ولّى قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«اللهم اكفنى عامر ابن الطّفيل» فلما خرجوا من عنده قال عامر لأربد: ويلك! أين ما كنت أمرتك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندى على نفسى منك، وايم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا. قال له أربد: لا أبا لك! لا تعجل علىّ، والله ما هممت بالذى أمرتنى به من أمره إلا دخلت بينى وبين الرجل، حتى لا أرى غيرك! أفأضربك بالسيف! قال: وخرجوا راجعين إلى بلادهم، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، بعث الله على عامر بن الطّفيل الطاعون فى عنقه، فمال إلى بيت امرأة من بنى سلول، فجعل يقول: يا بنى عامر، غدّة كغدّة البكر، وموت فى بيت سلوليّة «٢» ! قال: ومات فواراه أصحابه، وخرجوا حتى قدموا أرض بنى عامر، فأتاهم قومهم فقالوا: ما وراءك يا أربد؟ فقال: لا شىء، والله لقد