والآخر: هوذة بن عمرو بن يزيد بن عمرو بن رياح، فأسلما وكتب لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتابا.
وروى عن أبى يزيد- وقد قيل فيه بالباء الموحّدة أبو بريد- عمرو بن سلمة الجرمىّ أن أباه ونفرا من قومه، وفدوا إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم حين أسلم الناس، وتعلّموا القرآن وقضوا حوائجهم، فقالوا: يا رسول الله من يصلّى بنا؛ أو لنا؟ فقال:«ليصلّ «١» بكم أكثركم جمعا- أو أخذا- للقرآن» . قال: فجاءوا إلى قومهم فلم يجدوا فيهم أحدا أكثر أخذا، أو جمع من القرآن ما جمعت، أو أخذت، قال: وأنا يومئذ غلام علىّ شملة «٢» ، فقدّمونى فصلّيت بهم، فما شهدت مجمعا من جرم إلا وأنا إمامهم إلى يومى هذا.
وعن عمرو بن سلمة أيضا قال: كنا بحضرة ماء ممرّ الناس عليه، وكنا نسألهم، ما هذا الأمر؟ فيقولون: رجل يزعم أنه نبىّ، وأنّ الله أرسله، وأنّ الله أوحى إليه كذا وكذا، فجعلت يومئذ لا أسمع شيئا من ذلك إلّا حفظته، كأنما يغرى «٣» في صدرى بغراء، حتى جمعت فيه قرآنا كثيرا، وكانت العرب تلوّم «٤» بإسلامها الفتح، يقولون:
انظروا فإن ظهر عليهم فهو صادق، وهو نبىّ. فلما جاءتنا وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، فانطلق أبى بإسلام حوائنا ذلك، وأقام مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما شاء الله أن يقيم، ثم أقبل فلمّا دنا منّا تلقّيناه، فقال: جئتكم والله من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حقّا، ثم قال: إنه يأمركم بكذا وكذا،