قال الثعلبىّ: قراءة العامة بالجمع؛ لأنه خلق طيرا كثيرة، وقرّاء أهل المدينة «طائرا» ذهبوا إلى أنه نوع واحد من الطّير؛ لأنه لم يخلق غير الخفّاش، قال: وإنما خصّ الخفّاش لأنه أكمل الطير خلقا؛ ليكون أبلغ فى القدرة؛ لأن لها ثديا وأسنانا وهى تحيض وتطير، قال وهب: كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه، فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا؛ ليتميز فعل الخلق من فعل الله عزّ وجل؛ وليعلم أن الكمال لله. وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ
«الأكمه» الذى يولد أعمى وجمعه كمه. وقيل:
هو الأعمى وهو المعروف من كلام العرب؛ قال سويد بن أبى كاهل:
كمهت عيناه حتّى ابيضّتا ... فهو يلحى نفسه حتى نزع «١»
والأبرص الذى فيه وضح، قال: وإنما خصّ هذين؛ لأنهما عياءان وكان الغالب على زمن عيسى عليه السلام الطّب؛ فأراهم الله تعالى المعجزة من جنس ذلك.
قال وهب: ربما اجتمع على عيسى عليه السلام من المرضى فى اليوم الواحد خمسون ألفا، من أطاق منهم أن يبلغه بلغه، ومن لم يطق أتاه عيسى عليه السلام، وإنما كان يداويهم بالدعاء، على شرط الإيمان. وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ
قال الثعلبىّ: أحيا أربعة أنفس العازر وكان صديقا له، فأرسلت أخته إلى عيسى:
إنّ أخاك العازر يموت فأته، وكان بينه وبينه مسيرة ثلاثة أيام، فأتاه هو وأصحابه، فوجدوه قد مات منذ ثلاثة أيام، فقال لأخته: انطلقى بنا إلى قبره.
فانطلقت معهم إلى قبره وهو فى صخرة مطبقة، فقال عيسى عليه السلام:«اللهمّ ربّ السموات السّبع، إنك أرسلتنى إلى بنى إسرائيل أدعوهم إلى دينك، وأخبرهم أنى أحيى الموتى بإذنك، فأحى العازر» ، قال: فقام عازر وودكه يقطر، فخرج من قبره وبقى وولد له. وأحيا ابن العجوز، مرّ به ميتا على عيسى عليه السلام،