للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ

أى هكذا كان قولهم وإيمانهم، لا كما يقول هؤلاء الذين يحاجّونك، ثم ذكر تعالى رفعه عيسى إليه حين اجتمعوا لقتله، فقال: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ

قال أهل المعانى: المكر السّعى بالفساد فى ستر ومداجاة. وقال الفرّاء: المكر من المخلوقين الخبّ والخديعة والحيلة، وهو من الله استدراجه العباد. ثم أخبرهم تعالى، وردّ عليهم فيما أقرّوا به لليهود من صلبه، وأنّ الله عصمه منهم، ورفعه إليه، فقال تعالى: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ. فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ. وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ

قال الثعلبىّ: اختلفوا فى معنى التوفى ها هنا؛ فقال كعب والحسن والكلبىّ ومطر الورّاق ومحمد بن جعفر بن الزبير وابن جريح وابن زيد: معناه إنى قابضك ورافعك من الدنيا إلىّ من غير موت. قال: وعلى هذا القول تأويلان: أحدهما- إنى رافعك إلىّ وافيا لم ينالوا منك شيئا؛ من قولهم توفّيت هذا، واستوفيته أى أخذته تامّا.

والآخر- إنى مسلّمك؛ من قولهم توفّيت منه كذا أى تسلّمته. وقال الربيع ابن أنس: معناه إنى منيمك ورافعك إلىّ فى نومك؛ ويدل عليه قوله تعالى:

وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ

أى ينيمكم؛ لأنّ النوم أخو الموت. وقوله تعالى:

اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ

الآية. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: إنى مميتك.

ويدل عليه قوله تعالى: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ

وقوله: أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ*

قال: وله على هذا القول تأويلان: أحدهما- ما قال وهب: توفّى الله تعالى