فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة «١» ، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تستعينه فى كتابتها، قالت عائشة: فو الله ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتى فكرهتها، وعرفت أنه سيرى منها ما رأيت، فدخلت عليه، فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار سيّد قومه وقد أصابنى من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت فى السّهم لثابت بن قيس بن شمّاس- أولا بن عمّ له- فكاتبته على نفسى، فجئتك أستعينك على كتابتى، قال:«فهل لك فى خير من ذلك» ؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال:«أقض عنك كتابتك وأتزوجك» ، قالت: نعم يا رسول الله، قال:«قد فعلت» ؛ قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد تزوج بجويرية بنت الحارث فقال الناس: أصهار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأرسلوا ما بأيديهم، فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بنى المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها.
قال أبو عمر: وكانت جويرية قبل تحت مسافع بن صفوان المصطلقى، قال:
وكان اسمها برّة، فغيّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اسمها وسماها جويرية، وحفظت جويرية عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وروت عنه، وتوفيت بالمدينة فى شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين، وصلّى عليها مروان بن الحكم وهو والى المدينة وقد بلغت سبعين سنة؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم تزوجها وهى بنت عشرين سنة. وقيل: توفيت فى سنة خمسين. والله أعلم.
ثم تزوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد جويرية: