نجد حتى نزل بها فى أطم «١» بنى ساعدة، فقالت عائشة: قد وضع يده فى الغرائب «٢» يوشك أن يصرفن وجهه عنا، وكانت من أجمل النساء، فقالت حفصة لعائشة، أو عائشة لحفصة: اخضبيها أنت وأنا أمشطها، ففعلتا، ثم قالت لها إحداهما:
إنه يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول: أعوذ بالله منك؛ فلما دخلت عليه وأغلق الباب، وأرخى الستر، مدّ يده إليها، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال:
«لقد عذت بمعاذ الحقى بأهلك» وأمر أبا أسيد أن يردّها إلى أهلها؛ وقال:
«متّعها برازقيتين «٣» » يعنى كرباسين، فكانت تقول: ادعونى الشّقية، وإنما خدعت؛ لما رؤى من جمالها وهيئتها، وذكر لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حملها على ما قالت، فقال:«إنهنّ صواحب يوسف وكيدهنّ عظيم» قال: فلما طلع بها أبو أسيد على أهلها تصايحوا؛ وقالوا: إنك لغير مباركة، ما دهاك؟ فقالت:
خدعت، وقيل لى كيت وكيت، فقالوا: لقد جعلتنا فى العرب شهرة، فقالت:
يا أبا أسيد قد كان ما كان فما الذى أصنع؟ قال: أقيمى فى بيتك واحتجى إلا من ذى رحم، ولا يطمع فيك طامع بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإنك من أمهات المؤمنين؛ فأقامت لا يطمع فيها طامع، ولا ترى إلا لذى محرم، حتى توفّيت فى خلافة عثمان بن عفّان عند أهلها بنجد.
وقال أبو عمر: أجمعوا على أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تزوّجها، واختلفوا فى قصّة فراقه لها، فقال بعضهم: لما دخلت عليه دعاها فقالت: تعال أنت، وأبت أن تجىء، هذا قول قتادة وأبى عبيدة. وزعم بعضهم أنها قالت: أعوذ بالله