فصحبه إلى أن مات. وقد ذكرنا قصة أبى ذرّ فى غزوة تبوك، وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«رحم الله أبا ذرّ يمشى وحده ويموت وحده ويبعث وحده» وكان من خبره أنه خرج بعد وفاة أبى بكر الصدّيق رضى الله عنه إلى الشام، فلم يزل به حتى كانت خلافة عثمان بن عفان، فاستقدمه عثمان لشكوى معاوية، وأسكنه الرّبذة «١» ، فمات بها وصلّى عليه عبد الله بن مسعود، وكان قد أقبل من الكوفة فدعى إلى الصلاة عليه، فقال: من هذا؟ فقيل: أبو ذرّ، فبكى طويلا وقال: أخى وخليلى عاش وحده، ومات وحده، ويبعث وحده، طوبى له.
وذلك فى سنة ست وثلاثين من الهجرة. روى عن أبى ذرّ جماعة من الصحابة، وكان من أوعية العلم المبرّزين فى الزهد والورع والقول بالحق؛ سئل علىّ رضى الله عنه عن أبى ذرّ فقال: ذاك رجل وعى علما عجز عنه الناس، ثم أوكأ «٢» عليه ولم يخرج شيئا منه. وروى عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«ما أظلّت الخضراء «٣» ولا أقلّت الغبراء من ذى لهجة «٤» أصدق من أبى ذرّ» و «من سرّه أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر «٥» إلى تواضع أبى ذرّ» .
وفضائله كثيرة رضى الله عنه.
وذكر أبو عمر بن عبد البر فى خدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «أسلع ابن شريك» الأعوجى التميمى خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وصاحب راحلته، وأبو سلام الهاشمى، خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومولاه.