«١» . ومما لم نذكره فيما أتينا عليه من سيرته صلّى الله عليه وسلّم، ما ورد فى الحديث الصحيح من قول الرجل له: اعدل فإن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. فلم يزده صلّى الله عليه وسلم فى جوابه إلا أن بين له ما جهله، ووعظ نفسه وذكّرها بما قال له، فقال:«ويحك فمن يعدل إن لم أعدل خبت وخسرت إن لم أعدل» ونهى من أراد قتله من أصحابه. ومنه ما روى عن أنس رضى الله عنه قال: كنت مع النبى صلّى الله عليه وسلّم وعليه برد غليظ الحاشية، فجبذه أعرابىّ بردائه جبذة شديدة حتى أثّرت حاشية البرد فى صفحة عاتقه. ثم قال: يا محمد، احمل لى على بعيرىّ هذين من مال الله الذى عندك، فإنك لا تحمل لى من مالك ولا من مال أبيك، فسكت النبىّ صلّى الله عليه وسلّم ثم قال:«المال مال الله وأنا عبده» ثم قال: «ويقاد «٢» منك يا أعرابى ما فعلت بى» ؟ قال: لا، قال «لم» ؟ قال:
لأنك لا تكافئ بالسّيئة السّيئة، فضحك النبى صلّى الله عليه وسلّم، ثم أمر أن يحمل له على بعير شعير وعلى الآخر تمر.
ومنه خبر زيد بن سعنة «٣» حين أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل إسلامه، وكان من أحبار يهود، فجاءه يتقاضاه دينا عليه، فجبذ ثوبه عن منكبه، وأخذ بمجامع ثيابه وأغلظ له، ثم قال: إنكم يا بنى عبد المطلب مطل «٤» فانتهره عمر بن الخطاب رضى الله عنه وشدّد له فى القول، والنبى صلّى الله عليه وسلّم يتبسّم، فقال رسول الله