«اللهم اجعله حجّا لا رياء فيه ولا سمعة» . هذا وقد أهدى فى حجه ذلك مائة بدنة، ولما فتحت عليه مكة دخلها وقد طأطأ رأسه على رحله حتى كاد يمسّ قادمته تواضعا لله تعالى.
ومن تواضعه صلّى الله عليه وسلّم أنه لما دخل مكة جاءه أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه بأبيه ليسلم فقال:«لم عنّيت «١» الشيخ يا أبا بكر ألا تركته حتى أكون أنا آتيه فى منزله» وقد تقدّم ذكر ذلك فى الفتح. وعن عائشة والحسن وأبى سعيد وغيرهم رضى الله عنهم، فى صفته صلى الله عليه وسلّم، وبعضهم يزيد على بعض، أنه كان صلّى الله عليه وسلّم فى بيته فى مهنة «٢» أهله، يفلى «٣» ثوبه، ويحلب شاته، ويرقّع ثوبه، ويخصف «٤» نعله، ويخدم نفسه، ويقمّ «٥» البيت، ويعقل البعير، ويعلف ناضحه «٦» ، ويأكل مع الخادم، ويعجن معها ويحمل بضاعته من السّوق. وعن أنس:
أن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فتنطلق به حيث شاءت حتى يقضى حاجتها. ودخل عليه رجل فأصابته من هيبته رعدة فقال له:«هوّن عليك فإنى لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد»«٧» .
وعن أبى هريرة قال: دخلت السّوق مع النبى صلّى الله عليه وسلّم فاشترى سراويل، وقال للوزّان «زن وأرجح» وذكر القصّة، قال: فوثب إلى يد النبى صلّى الله عليه وسلّم يقبّلها فجذب يده، وقال: «هذا يفعله الأعاجم بملوكها ولست بملك إنما