الأمر. وقد كنت زوّرت فى نفسى مقالة أقدّمها بين يدى أبى بكر، وكنت أدارى منه بعض الحدّ، وهو كان أوقر منى وأحلم، فلمّا أردت أن أتكلّم قال لى: على رسلك! وكرهت أن أغضبه، فقام، فحمد الله، وأثنى عليه، فما ترك شيئا زوّرت فى نفسى أن أتكلم به لو تكلمت، إلا قد جاء به، أو بأحسن منه.
وقال: أمّا بعد، يا معشر الأنصار، فإنّكم لا تذكرون منكم فضلا إلّا أنتم له أهل، وإنّ العرب لا تعرف هذا الأمر إلّا لهذا الحىّ من قريش؛ هم أوسط العرب دارا ونسبا، وإنّى قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أيّهما شئتم. وأخذ بيدى وبيد أبى عبيدة بن الجراح.
يقول عمر وهو على المنبر: وإنّى والله ما كرهت من كلامه شيئا غير هذه الكلمة، أن كنت أقدّم فتضرب عنقى أحبّ إلىّ من أن أؤمّر على قوم فيهم أبو بكر.
قال: فلما قضى أبو بكر كلامه قام منهم رجل، فقال: أنا جذيلها المحكّك، وعذيقها المرجّب؛ منّا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش.
قال عمر: وارتفعت الأصوات، وكثر اللغظ، فلما أشفقت الاختلاف قلت لأبى بكر: ابسط يدك نبايعك، فبسط يده فبايعته، وبايعه المهاجرون، وبايعه الأنصار، ثمّ نزوا على سعد؛ حتى قال قائلهم: قتلتم سعد بن عبادة. فقلت: قتل الله سعدا! وإنا والله ما وجدنا أمرا هو أقوى من مبايعة أبى بكر، إنّا خشينا إن