للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الأمر، فإن أبوا عليكم ما سألتموه، فأجلوهم عن هذه البلاد، وتولّوا عليهم هذه الأمور؛ فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم؛ فإنه بأسيافكم دان [١] لهذا الدّين من لم يكن يدين، أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرّجّب؛ أما والله لئن شئتم لنعيدنّها جذعة [٢] ! فقال له عمر: إذن يقتلك الله! قال: بل إياك يقتل.

فقال أبو عبيدة: يا معشر الأنصار، إنّكم أوّل من نصر وآزر، فلا تكونوا أوّل من بدّل وغيّر.

فقال بشير بن سعد، أبو النعمان بن بشير:

يا معشر الأنصار، إنّا والله لئن كنّا أولى فضيلة فى جهاد المشركين، وسابقة فى هذا الدّين، ما أردنا به إلا رضا ربّنا، وطاعة نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم، والكدح لأنفسنا؛ ما ينبغى لنا أن نستطيل بذلك على الناس، ولا نبتغى به من الدنيا عرضا، فإن الله ولىّ المنة علينا بذلك؛ ألا إن محمدا صلّى الله عليه وسلّم من قريش، وقومه أحقّ به وأولى. وايم الله لا يرانى الله أنازعهم هذا الأمر أبدا! فاتقوا الله ولا تخالفوهم، ولا تنازعوهم.

فقال أبو بكر رضى الله عنه: هذا عمر وأبو عبيدة، فأيّهما شئتم فبايعوا؛ فقالا: والله لا نتولّى هذا الأمر عليك، وأنت أفضل المهاجرين، وثانى اثنين إذ هما فى الغار، وخليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الصلاة، والصّلاة أفضل دين المسلمين،


[١] دان: خضع.
[٢] جذعة: فتية.