للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن حرمة، فإذا عزمتم فأعلمونى أخبركم بمأتى هذا الأمر. فأخرج فإذا فيروز وداذويه ينتظراننى، وجاء قيس ونحن نريد أن نناهضه، فقال له رجل قبل أن يجلس إلينا: الملك يدعوك، فدخل فى عشرة من مذحج وهمدان فلم يقدر على قتله معهم.

فقال: يا عبهلة بن كعب بن غوث، أمنّى تحصّن بالرجال! ألم أخبرك الحقّ وتخبرنى الكذابة [١] ! إنه يقول: يا سوءة، إلّا تقطع من قيس يده، يقطع قنّتك العليا، حتى ظنّ أنه قاتله.

فقال: إنه ليس من الحقّ أن أقتلك وأنت رسول الله؛ فمرنى بما أحببت، فأمّا الخوف والفزع فأنا فيهما مخافة أن تقتلنى، وإمّا قتلتنى فموتة أهون علىّ من موتات أموتها كلّ يوم. فرقّ له وأخرجه؛ فخرج إلينا، فأخبرنا. وقال: اعملوا عملكم، وخرج إلينا فى جمع، فقمنا مثولا له، وبالباب مائة ما بين بقرة وبعير، فقام وخطّ خطّا، وأقيمت من ورائه، وقام من دونها فنحرها غير محبّسة ولا معقّلة، ثم خلّاها ما يقتحم الخطّ منها شىء، ثمّ خلاها فجالت إلى أن زهقت.

فما رأيت أمرا كان أفظع منه، ولا يوما أو حش منه، ثم قال:

أحقّ ما بلغنى عنك يا فيروز؟ - وبوّأ له الحربة- لقد هممت أن أنحرك فأتبعك هذه البهيمة؛ فقال: اخترتنا لصهرك، وفضّلتنا على الأبناء، فلو لم تكن نبيّا ما بعنا نصيبنا منك بشىء، فكيف وقد اجتمع لنا بك أمر آخرة ودينا! لا تقبلنّ علينا أمثال ما يبلغك؛ فإنّا بحيث تحبّ؛ فقال: اقسم هذه، فأنت أعلم بمن هنا.


[١] ك: «وتخبرنى الكذبة» .