للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دفيف الحمامة [١] ، فإنها غزوة صرّامة، ولا يلحقكم بعدها ملامة» ، فنهدت [٢] لبنى حنيفة، وبلغ ذلك مسيلمة فهابها، وخاف إن هو شغل بها أن يدهمه شرحبيل بن حسنة والقبائل، فأهدى لها، ثم أرسل إليها يستأمنها على نفسه حتى يأتيها.

فأنزلت الجنود على الأمواه له وأمّنته، فجاءها فى أربعين من بنى حنيفة. وكانت سجاح راسخة فى النّصرانية، قد علمت من علم نصارى تغلب، فقال لها مسيلمة: لنا نصف الأرض، وكان لقريش نصفها لو عدلت، وقد ردّ الله عليك النصف الذى ردّت قريش، فحباك [٣] به، وكان لها لو قبلت؛ فقالت: «لا يردّ النّصف إلّا من حنف، فاحمل النّصف إلى خيل تراها كالسّهف» .

فقال مسيلمة: «سمع الله لمن سمع، وأطمعه بالخير إذا طمع، ولا زال أمره فى كلّ ما سرّ نفسه يجتمع. رآكم ربّكم فحيّاكم، ومن وحشة خلّاكم، ويوم دينه أنجاكم فأحياكم، علينا من صلوات معشر أبرار؛ لا أشقياء ولا فجّار، يقومون الليل ويصومون النهار، لربّكم الكبار، ربّ الغيوم والأمطار» .

وقيل: إنّ مسيلمة لما نزلت به سجاح أغلق الحصن دونها.

فقالت له: انزل. قال: فنحّى عنك أصحابك، ففعلت. فقال مسيلمة: اضربوا لها قبّة وجمّروها لعلها تذكر الباه، ففعلوا، فلمّا دخلت القّبّة نزل مسيلمة. فقال لأصحابه: ليقف ها هنا عشرة،


[١] الدقيف: تحريك الجناحين والرجلين.
[٢] نهدت: نهضت.
[٣] ك: «فحياك» .