وتعجّل خالد حتّى قدم على أهل العسكر بالبطاح، وانتظر البعث الذى ضرب بالمدينة، فلمّا قدم عليه نهض حتى أتى اليمامة، وبنو حنيفة يومئذ تزيد عدّتهم على أربعين ألف مقاتل. وعجّل شرحبيل بن حسنة، وبادر بالقتال قبل وصول خالد كما فعل عكرمة، فنكب كما نكب، فلما قدم خالد لامه، وسار خالد حتى إذا أطلّ على بنى حنيفة أسند خيولا لعقّة والهذيل وزياد، وقد كانوا أقاموا على خرج أخرجه لهم مسيلمة ليلحقوا به سجاح، وإنّما أسند خالد تلك الخيول مخافة أن يأتوه من خلفه، وأمدّ أبو بكر رضى الله عنه خالدا بسليط بن عمرو بن عبد شمس العامرىّ القرشىّ ليكون ردءا له من أن يأتيه أحد من خلفه؛ فخرج.
فلمّا دنا من خالد وجد تلك الخيول التى انتابت تلك البلاد قد فرّقوا فهربوا، فكان منهم قريبا لهم، وأمّا مسيلمة فإنّه لما بلغه دنوّ خالد بن الوليد منه عسكر بعقرباء، واستنفر النّاس، فجعل النّاس يخرجون إليه، وخرج مجاعة بن مرارة بن سلمى الحنفىّ اليمامىّ- وكان رئيسا من رؤساء بنى حنيفة- فى سريّة يطلب بثأر له فى بنى عامر وبنى تميم، فلمّا كان خالد من عسكر مسيلمة على ليلة، إذا مجّاعة وأصحابه وقد غلبهم الكرى- وكانوا راجعين من بلاد بنى غامر- فعرّسوا دون ثنيّة اليمامة، فوجدوهم نياما وأرسان خيولهم بأيديهم تحت خدودهم، ولا يشعرون بقرب الجيش منهم، فأنبهوهم، وقالوا: من أنتم؟ قالوا: مجّاعة، وهذه حنيفة، فأوثقوهم، وأقاموا إلى أن جاءهم خالد فأتوه بهم، فظنّ أنّهم جاءوه