للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هرّابا فمتردّ وناج، ودهش ومقتول أو مأسور، واستولى المسلمون على ما فى العسكر، ولم يسلم رجل إلا بما عليه، فأمّا أبجر فأفلت؛ وأمّا الحطم فإنّه دهش، وطار فؤاده، فقام إلى فرسه- والمسلمون خلالهم- فلمّا وضع رجله فى الرّكاب انقطع به فمرّ به، عفيف بن المنذر والحطم يستغيث؛ يقول: ألا رجل يعقلنى! فعرف صوته، فقال:

أعطنى رجلك، فأعطاه رجله فنفحها فأطنّها [١] من الفخذ، وتركه، فقال: أجهز علىّ؛ فقال: لا، إنّى أحبّ [٢] ألّا تموت حتى أمضّك [٣] . وجعل الحطم لا يمرّ به أحد من المسلمين فى الليل إلا قال: هل لك فى الحطم أن تقتله! حتى مرّ عليه قيس بن عاصم فقتله، فلمّا رأى فخذه نادرة [٤] ، قال: وا سوأتاه لو علمت الذى به لم أحرّكه! وخرج المسلمون بعد ما أخذوا الخندق على القوم يطلبونهم، فلحق قيس بن عاصم أبجر، فطعنه قيس فى العرقوب فقطعه، فكانت رادّة، وأصبح العلاء فقسّم الأنفال، ونفّل رجالا من أهل البلاء ثيابا.

وأما أهل عمان ومهرة واليمن، فإنّ حذيفة بن محصن الحميرىّ وعرفجة سارا إلى القوم، فاقتتل المسلمون وأهل عمان قتالا شديدا فهزم المسلمون [المرتدين] [٥] ، وقتلوا منهم فى المعركة عشرة آلاف، وسبوا الذّاررىّ، وجمعوا الغنائم، وبعثوا الخمس إلى أبى بكر، وقسّموا ما بقى، ثم خرجوا نحو مهرة، فكشف الله جنود المرتدّين، وقتل


[١] أطنها: قطعها.
[٢] ص: «أحبك» .
[٣] ك: «أفضك» .
[٤] نادرة: ساقطة.
[٥] تكملة من ص.