وولّى يزيد بن أبى سفيان- وكان عزله عن رأى عمر- وقدم عكرمة ابن أبى جهل على أبى بكر فيمن كان معه من تهامة وعمان والبحرين، فجعل أبو بكر عكرمة ردءا للنّاس. وبلغ الرّوم ذلك، فكتبوا إلى هرقل، فخرج هرقل حتى أتى حمص، فأعدّ لهم الجنود، وأرسل أخاه إلى عمرو، فخرج نحوه فى تسعين ألفا، فهابهم المسلمون، وجميع فرق المسلمين واحد وعشرون ألفا سوى عكرمة؛ فإنّه فى ستة آلاف، فكتبوا إلى عمرو بن العاص: ما الرأى؟ فكاتبهم أنّ الرأى الاجتماع، وذلك أنّ مثلنا إذا اجتمع لا يغلب من قلّة.
فاتّعدوا اليرموك ليجتمعوا به، وكان المسلمون كتبوا إلى أبى بكر بمثل ما كتبوا به إلى عمرو، فجاءهم كتابه بمثل ما رأى عمرو.
وبلغ ذلك هرقل، فكتب إلى بطارقته أن اجتمعوا لهم، وانزلوا بالرّوم منزلا واسع المطرّد ضيق المهرب، ففعلوا، ونزلوا الواقواصة، وهى على ضفّة اليرموك، وصار الوادى خندقا لهم، وأقبل المسلمون، فنزلوا عليهم بحذائهم، فأقاموا صفر وشهرى ربيع لا يقدرون من الروم على شىء، حتى إذا انسلخ شهر ربيع الأول، كتبوا إلى أبى بكر يستمدونه، فكتب إلى خالد بن الوليد يلحق بهم، وأن يسير فى نصف العسكر، ويستخلف على النّصف الآخر المثنّى ابن حارثة الشّيبانىّ، ففعل. والله تعالى أعلم بالصواب.