للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتقدّم فقاتل حتّى قتل، ثم حمل الثّانى وهو يقول:

إنّ العجوز ذات حزم وجلد ... والنّظر الأوفق والرّأى السّدد

قد أمرتنا بالسّداد والرّشد ... نصيحة منها وبرّا بالولد

فبادروا الحرب حماة فى العدد ... إمّا لفوز بارد على الكبد

أو ميتة تورثكم غنم الأبد [١] ... فى جنّة الفردوس والعيش الرّغد

وقاتل حتى استشهد. ثم حمل الثالث وهو يقول:

والله لا نعصى العجوز حرفا ... قد أمرتنا حدبا وعطفا

نصحا وبرّا صادقا ولطفا ... فباكروا الحرب الضّروس زحفا

حتى تلفّوا آل كسرى لفّا ... أو تكشفوهم عن حساكم كشفا

إنّا نرى التّقصير منكم ضعفا ... والقتل منكم نجدة وعرفا [٢]

وقاتل حتّى استشهد. ثم حمل الرابع وهو يقول:

لست لخنساء ولا للأخرم ... ولا لعمرو ذى السّناء الأقدم

إن لم أرد فى الجيش جيش الأعجم ... ماض على الهول خضمّ خضرم

إمّا لفوز عاجل ومغنم ... أو لوفاة فى السّبيل الأكرم

وقاتل حتى قتل؛ رحمهم الله [٣] .

فبلغها الخبر، فقالت: الحمد لله الذى شرّفنى بقتلهم، وأرجو من ربّى أن يجمعنى بهم فى مستقرّ رحمته.

فكان عمر بن الخطّاب- رضى الله عنه- يعطى الخنساء أرزاق


[١] الاستيعاب: «عز الأبد» .
[٢] الاستيعاب: «فيكم نجدة وزلفى» .
[٣] الاستيعاب ٤: ٨٢٧ أو ما بعدها.