للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فطعنهم المسلمون فى عيونهم، فولّوا ولحقهم المسلمون، فقتلوا أكثرهم، ومن نجا صار أعور، وتلاحق الستمائة بالسّتين [١] .

ولما رأى سعد عاصما على الفراض قد منعها؛ أذن للنّاس فى الأقتحام، وقال: نستعين بالله، ونتوكّل عليه، حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العلّى العظيم. واقتحم الناس دجلة يتحدّثون كما يتحدّثون فى البرّ، وطبّقوا دجلة حتّى ما يرى من الشّاطىء شىء.

قال: ولم يكن بالمدائن أعجب من دخول الماء، وكان يدعى يوم الجراثيم، لا يبقى أحد إلّا انتشرت [٢] له جرثومة من الأرض يستريح عليها؛ حتى ما يبلغ الماء حزام فرسه، فعبروا سالمين، لم يعدم منهم أحد، ولا عدم لأحد شى إلّا قدح لمالك بن عامر سقط منه فجرى فى الماء، ثم ألقته الرّيح إلى الشّاطىء، فأخذه صاحبه، فلمّا رأى الفرس عبورهم خرجوا هرّابا نحو حلوان، وكان يزدجرد قد قدم عياله إليها قبل ذلك. ولمّا هرب حمل أصحابه من بيت المال ما قدروا عليه ممّا خفّ، ومن النّساء والذّرارىّ، وتركوا فى الخزائن من المتاع والثّياب والألطاف ما لا تدرك قيمته، وتركوا ما قد أعدّوه للحصار من الأطعمة والغنم والبقر، وكان فى بيت المال ثلاثة آلاف ألف، أخذ منها رستم عند مسيره إلى القادسيّة النصف، وبقى النّصف.

وكان أوّل من دخل المدائن كتيبة الأهوال، وهى كتيبة


[١] بعدها فى ابن الأثير: «غير متعتعين» .
[٢] ابن الأثير: «اشمخرت» .