وقال أبو تمام:
استزارته فكرتى في المنام، ... فأتاها في خفية واكتتام.
يا لها ليلة تزاورت الأر ... واح فيها سرّا عن الأجسام!
مجلس لم يكن لنا فيه عيب ... غير أنّا في دعوة الأحلام!
وقال الحمدونىّ:
لم أنله، فنلته بالأمانى ... فى منامى سرّا من الهجران!
واصل الحلم بيننا بعد هجر، ... فاجتمعنا ونحن مفترقان.
وكأنّ الأرواح خافت رقيبا، ... فطوت سرّها عن الأبدان.
منظر كان نزهة العين إلّا ... أنه منظر بغير عيان.
وقال ابن الرومىّ:
طرقتنا، فأنالت نائلا ... شكره- لو كان في النّبه- الجحود.
ثم قالت، وأحسّت عجبى ... من سراها حيث لا تسرى الأسود.
لا تعجّب من سرانا، فالسّرى ... عادة الأقمار والناس هجود.
أخذ العسكرىّ المعنى، فقال:
رقبت غفلة الرّقيب، فزارت ... تحت ليل مطرّز بنهار.
فتعجّبت من سراها، فقالت: ... غير مستطرف سرى الأقمار!
ثم مالت بكأسها فسقتنى ... جلّناريّة على جلّ نارى!
وقال آخر:
فيا ليت طيفا، خيّلته لى المنى، ... وإن زادنى شوقا إليك، يعود!
أكلّف نفسى عنك صبرا وسلوة، ... وتكليف ما لا يستطاع شديد!