فسار عبد الله إلى تكريت، وحصر الأنطاق ومن معه أربعين يوما، وتزاحفوا فى المدّة أربعة وعشرين زحفا، ثم أرسل عبد الله إلى العرب الّذين مع الأنطاق يدعوهم إلى الإسلام، فأسلموا، وأعلموا أنّ الرّوم قد نقلوا متاعهم إلى السّفن، فأرسل إليهم:
إذا سمعتم التكبير فاعلموا أنّا على أبواب الخندق، فخذوا الأبواب التى تلى دجلة، وكبّروا، واقتلوا من قدرتم عليه، ففعلوا ذلك، وأخذت الرّوم السيوف من كلّ جانب.
وأرسل عبد الله ربعىّ بن أفكل إلى الحصنين وهما نينوى وهو الحصن الشّرقىّ، والموصل وهو الحصن الغربىّ، وقال: اسبق الخبر، وسرّح معه تغلب، وإياد، والنّمر، فأظهروا الظّفر والغنيمة، وبشروهم، ووقفوا بالأبواب. وأقبل ابن الأفكل فاقتحم الحصن فسألوا الصّلح، وصاروا ذمّة، وقسّمت الغنيمة، فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف، وسهم الرّاجل ألف درهم، وبعثوا بالأخماس إلى عمر، وولّى الموصل ربعىّ بن الأفكل، والخراج عرفجة بن هرثمة.
وقيل: إنّ فتح الموصل كان فى سنة عشرين لمّا استعمل عمر عتبة بن فرقد لقصدها، وأنه فتح المرج، وبانهذرا، وباعذرا، وحبتون، وداسن وجميع معاقل الأكراد، وقردى وبازبدى، وجميع أعمال الموصل.
وقيل: إنّ عياض بن غنم لمّا فتح بلد أتى الموصل ففتح أحد الحصنين، وبعث عتبة بن فرقد إلى الحصن الآخر، ففتحه على الجزية والخراج، والله سبحانه وتعالى أعلم.