للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمرنا نطع، وادعنا نجب، واحملنا نركب، وقدنا ننقذ؛ فإنّك ولىّ هذا الأمر؛ وقد بلوت وجرّبت واختبرت، فلم ينكشف شىء من عواقب قضاء الله لك إلا عن خيار. ثم عاد فجلس.

فعاد عمر لمقالته، فقام عثمان بن عفّان رضى الله عنه، فقال:

أرى يا أمير المؤمنين أن تكتب إلى أهل الشّام فيسيروا من شامهم، وإلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم، ثم تسير أنت بأهل الحرمين إلى الكوفة والبصرة، فتلقى جمع المشركين بجمع المسلمين؛ فإنّك إذا سرت [١] قلّ عندك ما قد تكاثر من عدد القوم. وقد كنت أعزّ عزا، وأكثر. يا أمير المؤمنين إنّك لا تستبقى بعد نفسك من العرب باقية، ولا تمتنع من الدنيا بعزيز، ولا تلوذ منها بحريز. إنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام، فاشهده برأيك وأعوانك، ولا تغب عنه.

وجلس.

فعاد عمر بن الخطّاب رضى الله عنه لمقالته، فقام إليه علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، فقال: أمّا بعد، يا أمير المؤمنين، فإنّك إن أشخصت أهل الشّام من شامهم، سارت الرّوم إلى ذراريّهم، وإن أشخصت أهل اليمن من يمنهم، سارت الحبشة إلى ذراريّهم، وإن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها، وأقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك أهمّ إليك ممّا بين يديك من العورات، والعيالات. [أقرر هؤلاء] [٢] فى أمصارهم، واكتب لأهل


[١] ابن الأثير: «إذا سرت بمن معك» .
[٢] من ابن الأثير.