فلمّا دنا الأحنف من مرو، خرج يزدجرد منها إلى مرو الرّوذ، ونزل الأحنف مرو الشّاهجان.
وكتب يزدجرد إلى خاقان ملك التّرك وإلى ملك الصّغد وإلى ملك الصّين يستمدّهم.
وخرج الأحنف من مرو الشّاهجان، واستخلف عليها خالد ابن النّعمان الباهلىّ بعد أن لحقته أمداد الكوفة. فلمّا سمع به يزدجرد سار من مرو الرّوذ إلى بلخ، ونزلها الأحنف، والتقى أهل الكوفة ويزدجرد ببلخ، فانهزم يزدجرد، وعبر النّهر، ولحق الأحنف بأهل الكوفة، وقد فتح الله عليهم، وافتتح ما بين نيسابور إلى طخارستان، وعاد إلى مرو الرّوذ، واستخلف على طخارستان ربعىّ ابن عامر، وكتب إلى عمر بالفتح. فقال عمر: وددت أنّ بيننا وبينها بحرا من نار. فقال علىّ: ولم يا أمير المؤمنين؟ قال: لأنّ أهلها سينقضّون [منها][١] ثلاث مرّات، وكتب إلى الأحنف أن يقتصر على ما دون النّهر ولا يجوزه.
قال: ولمّا عبر يزدجرد مهزوما، أنجده خاقان التّرك، وأهل فرغانة والصّغد، فرجع يزدجرد وخاقان إلى خراسان، فنزلا بلخ.
ورجع أهل الكوفة إلى الأحنف بمروالرّوذ، فنزل المشركون عليه بها، وكان الأحنف لما بلغه خبر عبور يزدجرد وخاقان النّهر إليه، خرج ليلا يتسمّع؛ لعلّه يسمع برأى ينتفع به، فمرّ برجلين ينقّيان علفا، وأحدهما يقول لصاحبه: أسندنا الأسير إلى هذا الجبل؛