وقاتلوه، فانهزم، واستولوا على خزائنه، وتوجّه هو نحو خاقان وعبر النّهر إلى فرغانة، وأقام ببلد التّرك مدّة خلافة عمر- رضى الله عنه- إلى أن كفر أهل خراسان فى زمن عثمان، فكاتبوه وكاتبهم، ثم قتل على ما سنذكره- إن شاء الله تعالى- فى خلافة عثمان.
قال: ثم أقبل أهل فارس بعد انهزام يزدجرد على الأحنف، وصالحوه ودفعوا له الخزائن، وتراجعوا إلى بلادهم، واغتبطوا بالمسلمين، فأصاب الفارس يوم يزدجرد كسهمه يوم القادسيّة.
وسار الأحنف إلى بلخ ونزلها، ثم رجع إلى مرو الرّوذ، وكتب بهذا الفتح إلى عمر.
قال: ولمّا عبر خاقان ويزدجرد إلى النّهر، لقيا [١] رسول يزدجرد الّذى كان أرسله إلى ملك الصّين، فأخبره أن ملك الصّين قال له:
صف لى هؤلاء القوم الّذين أخرجوكم من بلادكم، فإنّى أراك تذكر قلّة منهم، وكثرة منكم، ولا يبلغ أمثال هؤلاء القليل منكم مع كثرتكم إلّا بخير عندهم وشرّ فيكم. فقال: سلنى عمّا أحببت.
فقال: أيوفون بالعهد؟ قال: نعم. قال: وما يقولون لكم قبل القتال؟ قال: يدعوننا إلى واحدة من ثلاث: إمّا دينهم فان أحببنا أجرونا مجراهم، أو الجزية، أو المنابذة. قال: فكيف طاعتهم فى أمرائهم؟ قلت: أطوع قوم لرشيدهم. قال: فما يحلّون وما يحرّمون؟ فأخبره. قال: هل يحلّون ما حرّم عليهم، أو يحرّمون ما أحلّ لهم؟ قال: لا. قال: هؤلاء القوم لا يزالون على الظّفر