يريدون أن يتحوّلوا من منزل إلى منزل، فسار بهم ليلا، فلمّا فقده أمراء الأجناد استنكروا فعله، ورأوا أن قد غرّر، فرفعوا ذلك إلى عمر، فكتب إليه:
إلى العاصى ابن العاص، أمّا بعد، فإنّك قد غرّرت بمن معك، فإن أدركك كتابى ولم تدخل مصر فارجع، وإن أدركك وقد دخلت فامض، واعلم أنّى ممدّك.
ويقال: إنّ عمر رضى الله عنه كتب إلى عمرو بعد فتح الشّام:
أن اندب النّاس إلى المسير معك، فمن خفّ معك فسر به. وبعث بالكتاب مع شريك بن عبدة، فندبهم عمرو، وأسرع فى الخروج، ثم دخل عثمان بن عفّان رضى الله عنه على عمر، فأخبره عمر بذلك، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ عمرا فيه إقدام وحبّ للإمارة، فأخشى أن يخرج فى غير ثقة ولا جماعة؛ فيعرّض المسلمين للتهلكة رجاء فرصة لا يدرى تكون أم لا! فندم عمر على كتابه إلى عمرو، وكتب إليه أن ينصرف إن كان لم يدخل أرض مصر على ما تقدّم.
قالوا: ونفرت راشدة وقبائل من العرب مع عمرو، فسار بهم، فأدركه عيد النّحر بالعريش، فضحّى هناك. ولمّا بلغ المقوقس مسير عمرو إلى مصر، توجّه إلى الفسطاط، وكان يجهّز الجيوش على عمرو، وكان على القصر رجل من الرّوم، يقال له: الأعيرج واليا تحت يد المقوقس.