للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى المدينة ومكّة، فإنّ حمله [على] [١] الظّهر يتعذّر، ولا نبلغ منه ما نريد. فانطلق أنت وأصحابك، فتشاوروا فى ذلك حتّى يعتدل فيه رأيكم، فانطلق عمرو فأخبر من كان معه من أهل مصر، فثقل ذلك عليهم، وقالوا: نتخوّف أن يدخل فى هذا ضرر على مصر، فنرى أن تعظّم ذلك على أمير المؤمنين وتقول له: إنّ هذا الأمر لا يعتدل ولا يكون، ولا نجد إليه سبيلا.

فرجع عمرو بذلك إلى عمر، فلمّا رآه ضحك وقال: والّذى نفسى بيده لكأنىّ أنظر إليك يا عمرو، وإلى أصحابك حين أخبرتهم بما أمرت به، فثقل ذلك عليهم، وقالوا لك كذا وكذا، للّذى كان منهم. فقال: صدقت والله يا أمير المؤمنين، لقد كان الأمر على ما ذكرت.

فقال عمر: يا عمرو، انطلق بعزيمة منّى حتى تجدّ فى ذلك، ولا يأتى عليك الحول حتّى تفرغ منه إن شاء الله تعالى. فانصرف عمرو، ثمّ احتفر الخليج الّذى كان فى حاشية الفسطاط الّذى يقال له: خليج أمير المؤمنين، فساقه من النّيل إلى القلزم، فلم يأت الحول حتّى جرت فيه السّفن، فحمل فيه ما أراد من الطّعام إلى المدينة ومكّة، فنفع الله بذلك أهل الحرمين، وسمّى خليج أمير المؤمنين، ثمّ لم يزل يحمل فيه الطّعام إلى زمن عمر بن عبد العزيز، ثمّ ضيّعه الولاة بعد ذلك فترك وغلب عليه الرّمل، فانقطع، فصار منتهاه إلى ذنب التّمساح من ناحية طحا القلزم.


[١] من ص.