للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يغنى الله عيالى بتجارتى، وقد شغلتمونى بأمركم هذا، فما ترون أنّه يحلّ لى فى هذا المال؟ فأكثر القوم، وعلىّ رضى الله عنه ساكت، فقال: ما تقول يا علىّ؟ فقال: ما أصلحك وأصلح عيالك بالمعروف، ليس لك غيره. فقال القوم: القول ما قال علىّ. فأخذ قوته [١] ، واشتدت حاجة عمر رضى الله عنه. فاجتمع نفر [٢] من الصّحابة منهم عثمان، وعلىّ، وطلحة، والزبير، فقالوا: لو قلنا لعمر فى زيادة يزيدها إيّاه فى رزقه؟ فقال عثمان رضى الله عنه: هلمّوا فلنستبرئ ما عنده من وراء وراء. فأتوا حفصة ابنته فأعلموها الحال، واستكتموها ألّا تخبر بهم عمر.

فلقيت عمر فى ذلك، فغضب وقال: من هؤلاء لأسؤنّهم؟ قالت:

لا سبيل إلى علمهم. قال: أنت بينى وبينهم، ما أفضل ما اقتنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى بيتك من الملبس؟ قالت: ثوبين ممشّقين كان يلبسهما للوفد والجمع، قال: فأىّ الطعام ناله عندك أرفع؟ قالت: خبزنا خبز شعير، فصببنا عليه وهو حارّ أسفل عكّة [٢] لنا، فجعلتها دسمة حلوة، فأكل منها. فقال:

أىّ بسط كان يبسط عندك كان أوطأ؟ قالت: كساء ثخين كنّا نرقعه برقعة فى الصّيف فإذا كان الشتاء بسطنا نصفه، وتدثّرنا بنصفه، قال: يا حفصة، فأبلغيهم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم


[١] ك: «قوة» ، تحريف.
[٢] ك: «رجالا» .
[٣] العكة: إناء يوضع فيه السمن.