للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النّبىّ صلّى الله عليه وسلم، فطلب إليه ان يسأل غرماءه أن يضعوا له، فأبوا، ولو تركوا لأحد من أجل أحد لتركوا لمعاذ بن جبل من أجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فباع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ماله كلّه فى دينه، حتّى قام معاذ بغير شىء، حتى إذا كان [عام] [١] فتح مكّة، بعثه النبىّ صلى الله عليه وسلّم إلى طائفة من أهل اليمن ليجبره فمكث معاذ باليمن أميرا.

وكان أوّل من اتّجر فى مال الله هو، فمكث حتّى أصاب وحتّى قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فلمّا قدم قال عمر لأبى بكر:

ارسل إلى هذا الرّجل فدع له ما يعيّشه، وخذ سائره منه، فقال أبو بكر رضى الله عنه: إنّما بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليجبره، ولست بآخذ منه شيئا؛ إلّا أن يعطينى. فانطلق عمر إليه إذ لم يطعه أبو بكر، فذكر ذلك لمعاذ، فقال معاذ: إنّما أرسلنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليجبرنى، ولست بفاعل، ثمّ أتى معاذ عمر وقال: قد أطعتك، وأنا فاعل ما أمرتنى به، إنّى رأيت فى المنام أنّى فى حومة ماء؛ قد خشيت الغرق فخلّصتنى منه يا عمر.

فأنى معاذ أبا بكر، فذكر ذلك له، وحلف له أنّه لا يكتمه شيئا فقال أبو بكر: لا آخذ منك شيئا، قد وهبته لك، فقال: هذا خير حلّ [٢] ، وطاب، فخرج معاذ عند ذلك إلى الشام. قال أبو عمر: كان عمر قد استعمله فى الشام [حين مات أبو عبيدة] [٣] ولما مات


[١] من الاستيعاب.
[٢] فى الأصلين: «حين» ، والمثبت من الاستيعاب.
[٣] من ص.