وقال ابن ميّادة:
كانوا بعيدا، فكنت آملهم ... حتّى إذا ما تقاربوا، هجروا.
فالبعد منهم على رجائهم ... أنفع من قربهم إذا هجروا!
وقال أبو الحسن أحمد بن عمر النهروانىّ:
على قلبى الاحبّة بالت ... مادى في الهوى غلبوا.
وبالهجران من عين ... ىّ طيب النوم قد سلبوا.
وما طلبوا سوى قتلى، ... فهان علىّ ما طلبوا!
ولما سمع الشيخ العالم صدر الدين محمد بن الوكيل هذه الأبيات، عارضها، وأنشدنى لنفسه في صفر الأغر الميمون سنة ثلاث عشرة وسبعمائة.
لئن غلبوا على عقلى، ... لقد سلبوا لمن غلبوا!
وإن أبكى تبسّمهم، ... فخلّب برقهم خلبوا!
وإن ترج العيون، فقد ... إليها السّهد قد جلبوا!
وإن عطفوا برقّتهم، ... فدرّ مدامعى حلبوا.
ومما قيل في الزيارة، قال الوزير ابو عبد الله بن الحدّاد:
إذا جاءنى زائرا حسنه ... أقام عليه رقيبا عتيدا.
إذا ما بدا، سربلته العيون ... وخرّت وجوه إليه سجودا.
هو البدر والغصن: خدّا وقدّا، ... كما أنه الظّبى: لحظا وجيدا.
أتى زائرا وفؤادى خلىّ، ... فمرّ به مستهاما عميدا.
وغادرنى بعده في غرام ... تضرّم بين ضلوعى وقودا!