للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأرسل عمر إلى هند ابنة الوليد ينشدها، فأقامت الشّهادة على زوجها، فقال عمر لقدامة: إنّى حادّك، فقال: لو شربت كما يقولون ما كان لكم أن تحدّونى، فقال عمر: لم؟ قال قدامة: قال الله عزّ وجلّ:

لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا ...

[١] الآية.

فقال عمر: أخطأت التأويل، إنّك إذا اتّقيت الله اجتنبت ما حرّمه عليك، ثم أقبل عمر على النّاس فقال: ما ترون فى جلد قدامة؟

فقالوا: ما نرى أن تجلده ما كان مريضا، فسكت على ذلك أيّاما، ثم أصبح يوما قد عزم [٢] على جلده، فقال لأصحابه: ما ترون فى جلد قدامة؟ فقالوا: ما نرى أن تجلده ما كان وجعا، فقال عمر:

لأن [٣] يلقى الله تحت السّياط أحبّ إلىّ من أن ألقاه وهو فى عنقى. ائتونى بسوط تامّ، وأمر بقدامه فجلد، فغاضب قدامة عمر وهجره، فلم يزل كذلك حتّى حجّ عمر وقدامة معه، فلمّا قفلا من حجّهما، ونزل عمر بالسّقيا نام، فلمّا استيقظ قال: عجّلوا علىّ بقدامة، فو الله لقد أتانى آت فى منامى فقال: سالم قدامة فإنّه أخوك.

فلمّا أتوه أبى أن يأتى، فأمر عمر به إن أبى أن يجرّوه إليه، فجاءه فاستغفر له عمر وكلّمه، فكان ذلك أوّل صلحهما.


[١] سورة المائدة ٩٣.
[٢] ص: «قدم» .
[٣] ك: «لئن» .