فوقف وقوفا طويلا، ثم دعا دعاء لا يسمعه النّاس، ثم تكلّم فقال:
أيّها النّاس، إنّى قد سألتكم سرّا وجهرا عن إمامكم، فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرّجلين: إمّا علىّ، وإمّا عثمان.
فقم إلىّ يا علىّ، فقام إليه فوقف تحت المنبر، وأخذ عبد الرحمن بيده فقال: هل أنت مبايعى على كتاب الله وسنة نبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وفعل أبى بكر وعمر؟ قال: اللهمّ لا، ولكن على جهدى من ذاك وطاقتى.
قال: فأرسل يده ثمّ نادى: قم إلىّ يا عثمان، فأخذ بيده، وهو فى موقف علىّ الّذى كان فيه، فقال: هل أنت مبايعى على كتاب الله وسنّة نبيّه وفعل أبى بكر وعمر؟ فقال: اللهمّ نعم، قال:
فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده فى يد عثمان، فقال: اللهمّ اسمع واشهد ثلاثا، اللهمّ إنّى قد جعلت ما فى رقبتى من ذلك فى رقبة عثمان، قال: فازدحم النّاس يبايعون عثمان حتى غشوه عند المنبر، فقعد عبد الرحمن مقعد النبىّ صلّى الله عليه وسلّم من المنبر، وأقعد عثمان على الدّرجة الثّانية، فجعل النّاس يبايعونه، وتلكّأ علىّ.
فقال عبد الرّحمن: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً
[١] .
فرجع علىّ يشقّ النّاس حتى بايع عثمان وهو يقول: خدعة، وأىّ خدعة!