فطلبوا الأمان على الجلاء أو الجزية، فجلا كثير منهم، فلحقوا ببلاد الرّوم، وأقام حبيب بها فيمن معه أشهرا، ثم بلغه أنّ بطريق إرمنياقس- وهى ملطية، وسيواس وقونية، وما والاها من البلاد إلى خليج القسطنطينيّة- واسمه الموريّان، قد توجّه نحوه فى ثمانين ألفا من الرّوم. فكتب إلى معاوية بذلك، فكتب معاوية إلى عثمان، فأرسل عثمان إلى سعيد بن العاص، يأمره بإمداد حبيب، فأمدّه بسلمان فى ستة آلاف، فأجمع حبيب على تبييت الرّوم، فسمعته امرأته أمّ عبد الله بنت يزيد الكلبيّة، فقالت: أين موعدك؟ فقال: سرادق الموريان، ثم بيّتهم، فقتل من وقف له، ثم أتى السّرادق فوجد امرأته قد سبقته إليه، ولمّا انهزمت الرّوم عاد حبيب إلى قاليقلا، ثم سار فيها فنزل مربالا، فأتاه بطريق خلاط بكتاب عياض بن غنم بأمانه فأجراه عليه، وحمل إليه البطريق ما عليه من المال.
ونزل حبيب خلاط، ثم سار منها، فلقيه صاحب مكس، وهى من البسفرجان، فقاطعه على بلاده، ثم سار منها إلى أزدشاط وهى القرية التى يكون بها القرمز الّذى يصبغ به، فنزل على نهر دبيل، وسرّح الخيول إليها وحصرها، فتحصّن أهلها، فنصب عليهم منجنيقا، فطلبوا الأمان، فأجابهم إليه، وبثّ السّرايا فبلغت خيله ذات اللّجم؛ وإنّما سمّيت ذات اللّجم لأنّ المسلمين أخذوا لجم خيلهم، فكبسهم الرّوم قبل أن يلجموها، ثم ألجموها وقاتلوهم فظفروا بهم.
ثم وجّه سريّة إلى سراج طير وبغروند، فصالحه بطريقها على إتاوة، وقدم عليه بطريق البسفرجان، فصالحه على بلاده، وأتى