للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأغنياء، واسوا الفقراء، بشّروا الّذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها فى سبيل الله بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. فما زال حتى ولع الفقراء بمثل ذلك، وأوجبوه على الأغنياء.

وشكا الأغنياء ما يلقون منهم إلى معاوية، فأرسل معاوية إليه بألف دينار فى جنح اللّيل، فأنفقها، فلمّا صلّى معاوية الصّبح دعا معاوية رسوله الذى أرسله إليه، فقال: اذهب إلى أبى ذرّ، فقل له:

أنقذ جسدى من عذاب معاوية، فإنه أرسلنى إلى غيرك، وأنّى أخطأت بك، ففعل ذلك. فقال له أبو ذرّ. يا بنىّ، قل له: والله ما أصبح عندنا من دنانيرك دينار، ولكن أخّرنا ثلاثة أيّام حتّى نجمعها.

فلمّا رأى معاوية أنّ فعله صدّق قوله كتب إلى عثمان: إنّ أباذرّ قد ضيّق علىّ، وقد كان كذا وكذا، الّذى يقوله الفقراء.

فكتب إليه عثمان: إنّ الفتنة قد أخرجت خطمها وعينيها، ولم يبق إلّا أن تشب، فلا تنكإ القرح، وجهّز أبا ذرّ، وابعث معه دليلا، وكفكف النّاس ونفسك ما استطعت.

فبعث له بأبى ذرّ، فلمّا قدم المدينة ورأى المجالس فى أصل جبل سلع قال، بشّر أهل المدينة بغارة شعواء، وحرب مذكار [١] ودخل على عثمان فقال له: ما بال أهل الشّام يشكون ذرب [٢]


[١] مذكار: قوية.
[٢] ذرب اللسان: حدته.