للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت فى الشّام، فاختلفت أنا ومعاوية فى الّذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها فى سبيل الله. قال معاوية: نزلت فى أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بينى وبينه فى ذاك [كلام] [١] ، وكتب إلى عثمان رضى الله عنه يشكونى، فكتب إلىّ عثمان أن اقدم المدينة، فقدمتها، فكثر علىّ النّاس حتّى كأنّهم لم يرونى قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان رضى الله عنه فقال لى: إن شئت تنحّيت فكنت قريبا؛ فذلك الّذى أنزلنى هذا المنزل، ولو أمّروا علىّ حبشيّا لسمعت وأطعت.

وأقام أبو ذرّ بالرّبذة إلى سنة اثنتين وثلاثين، فمات بها رضى الله عنه، ولمّا حضرته الوفاة قال لابنته: استشرفى يا بنيّة، هل ترين أحدا؟ قالت: لا، قال: فما جاءت ساعتى بعد، ثم أمرها فذبحت شاة ثم طبختها، ثم قال: إذا جاءك الّذين يدفنوننى- فإنّه سيشهدنى قوم صالحون- فقولى لهم: يقسم عليكم أبو ذرّ ألّا تركبوا حتى تأكلوا؛ فلمّا نضجت قدرها قال لها: انظرى، هل ترين أحدا؟ قالت: نعم، هؤلاء ركب. قال: استقبلى الكعبة، ففعلت. فقال: بسم الله، وبالله، وعلى ملّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومات. فخرجت ابنته، فتلقّتهم [٢] وقالت: رحمكم الله،


[١] من ص.
[٢] ص: «فلقيتهم» .