فخرجوا جميعا فى شوّال، وأظهروا أنّهم يريدون الحجّ، فلما كانوا من المدينة على ثلاث، تقدّم ناس من أهل البصرة، فنزلوا ذا خشب، وكان هواهم فى طلحة، وتقدّم ناس من أهل الكوفة فنزلوا على الأعوص وهواهم فى الزّبير، وجاءهم ناس من أهل مصر وهواهم فى علىّ، ونزل عامّتهم بذى المروة.
فاجتمع نفر من أهل مصر وأتوا عليّا، ونفر من أهل البصرة، وأتوا طلحة، ونفر من أهل الكوفة فأتوا الزّبير، واجتمعوا بهم فكلّ طردهم وأبعدهم، فعادوا إلى أصحابهم.
وقيل: إنّ عثمان لما بلغه نزولهم بذى خشب، جاء إلى علىّ وكلّمه فى ردّهم، فقال علىّ: على أىّ شىء أردّهم؟ فقال عثمان: على أن أصير إلى ما أشرت إليه ورأيته لى.
فركب علىّ ومحمد بن مسلمة وابو المضرّس وكلّموهم فى الرّجوع، فرجعوا، فعاد علىّ إلى عثمان برجوعهم، فسرّ بذلك.
فلمّا فارقه جاء مروان بن الحكم إلى عثمان من الغد فقال له:
تكلّم وأعلم النّاس أنّ أهل مصر رجعوا، وأنّ ما بلغهم عن أميرهم كان باطلا قبل أن يأتى النّاس من أمصارهم، ويأتيك ما لا تستطيع ردّه، ففعل عثمان، فلمّا خطب النّاس قال عمرو بن العاص: اتّق الله يا عثمان، فإنّك قد ركبت أمورا وركبناها معك، فتب إلى الله نتب.
فناداه عثمان: وانّك هنالك! قملت والله جببتك، منذ عزلتك