للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلّ شىء حتّى الماء، فأرسل إلى علىّ سرّا، وإلى طلحة والزّبير، وإلى أزواج النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم، يقول لهم: إنّهم قد منعونى الماء، فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا ماء فافعلوا، فكان أوّلهم إجابة علىّ، وأمّ حبيبة، فجاء علىّ فى الناس فقال: يأيّها الناس، إنّ الّذى تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين، ولا أمر الكافرين، فلا تقطعوا عن هذا الرّجل الماء ولا المادّة؛ فإنّ الرّوم وفارس لتأسر فتطعم، وتسقى.

فقالوا: لا والله ولا نعمة عين، فرمى بعمامته فى الدّار بأنّى قد نهضت ورجعت، وجاءت أمّ حبيبة على بغلة لها إداوة [١] ، فضربوا وجه بغلتها فقالت: إنّ وصايا بنى أميّة عند هذا الرّجل، فأحببت أن أسأله عنها لئلا تهلك أموال الأيتام والأرامل، فقالوا: كاذبة، وقطعوا حبل البغلة بالسّيف، فنفرت، وكادت تسقط عنها، فتلقّاها النّاس، ثمّ ذهبوا بها إلى منزلها.

فأشرف عثمان يوما، فسلّم عليهم، ثم قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أنّى اشتريت بئر رومة من مالى ليستعذب بها، فجعلت رشائى فيها كرجل من المسلمين؟ قالوا: نعم، قال: فلم تمنعونى أن أشرب منها حتّى أفطر على ماء الملح! ثم قال: أنشدكم الله! هل تعلمون أنّى اشتريت أرض كذا فزدتها [٢] فى المسجد؟ قيل: نعم.

قال: فهل علمتم أنّ أحدا منع أن يصلّى فيه قبلى؟ ثم قال: أنشدكم الله! هل تعلمون أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلّم قال عنّى كذا وكذا أشياء فى شأنه؟


[١] الإدواة: الإناء.
[٢] ك: «فزودتها» .